“الشرع” في البيت الأبيض.. الصورة تحدثت بما هو أشد بلاغة من البيانات
المصدر: صحيفة البناء

تحدثت الصورة بما هو أشد بلاغة من البيانات التي كانت مهمتها محصورة بتخفيف الأضرار، لكن الضرر وقع وكان مدوياً، حيث ظهر أن كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو ومبعوثه توماس برّاك عن سورية ورئيس انتقالي شرعي يحكمها، ليس إلا آراء شخصية لا تستطيع التحول إلى موقف رسمي أميركي، حيث لم تفلح كل محاولات تنظيم استقبال رئاسي للرئيس الانتقالي الوسيم والصلب، كما يصفه الرئيس ترامب، وتم إدخال الرئيس الانتقالي أحمد الشرع من باب جانبي وتنظيم جلوسه كوفد زائر لا كما يتم استقبال وجلوس الرؤساء، إلى جانب الرئيس وبينهما الأعلام، فغاب العلم السوري، وجلس الشرع على كرسي ضمن صف من الكراسي أمام مكتب الرئيس ترامب الذي جلس وراء مكتبه وحيداً ومن خلفه العلم الأميركي وحيداً أيضاً، وغابت وسائل الإعلام التي تحضر مثل هذه اللقاءات وتنقل الحوارات بعد اللقاء وأحياناً خلاله، فلم يحظ الشرع باستقبال حصل عليه الرئيس الأوكراني المغضوب عليه فلاديمير زيلينسكي الذي طرد من البيت الأبيض لكنه جلس بجوار الرئيس ترامب وبينهما علم أميركا وعلم أوكرانيا وتحدّثا معاً أمام الصحافيين.
في المضمون كان إعلان تعليق العقوبات لستة شهور بدلاً من إلغائها كافياً لتأكيد ما قالته الصورة، وهو أن في أميركا قوة كبح قوية للاندفاع بسرعة في اعتبار سورية الجديدة حليفاً موثوقاً، باعتبارها ساحة اختبار لإمكانية الوثوق بالتحول المفترض لتنظيم من رحم القاعدة إلى قوة يمكن الوثوق بها، وحيث ترسيم أدوار الحلفاء مثل «إسرائيل» وتركيا يمثل معضلة يصعب حلها، ويقف على خطوط التماس فيها مصير الاتفاق السوري الإسرائيلي الذي يؤدي إلى تحجيم النفوذ التركي، وواشنطن تائهة بين الحليفين، عاجزة عن الحسم، ومع تراجع قوة ومكانة «إسرائيل» باتت تركيا حاجة ماسة لضمان التهدئة سواء في غزة أو في سورية.
المحللون الأميركيون يقولون ما لا يجرؤ كثير من محللي القنوات العربية التحدث عنه، فمع الأقتراب من مرور سنة على تسلم الحكم في سورية لا يبدو أن الحكم الجديد قادر على ضمان وحدة سورية وحفظ الاستقرار فيها، ولذلك يحافظ البنتاغون على موازنة قسد بـ 136 مليون دولار لعام 2026، والحديث عن تفكك سورية ومخاطر ذهابها إلى الحرب الأهلية وتقاتل الجماعات المسلحة تحضر في نقاشات وورش عمل مراكز الدراسات الأميركية.



